وجوب السعى لصلاه الجمعه والهدف من مشروعيتها
صفحة 1 من اصل 1
وجوب السعى لصلاه الجمعه والهدف من مشروعيتها
[SIZE="5"][CENTER]صلاة الجمعة فرض عين على من توفرت فيه شروط الوجوب الآتي ذكرها ، وهي بدل عن الظهر ودليل فرضيتها قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} الجمعة9
وما رواه الطبراني عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: خطبنا النبى صلى الله عليه وسلم فقال: {إن الله تعالى قد كتب عليكم الجمعة في مقامي هذا في ساعتي هذه في شهري هذا في عامي هذا إلى يوم القيامة ؛ من تركها من غير عذر مع إمام عادل أو جائر فلا جمع الله شمله ولا بورك له في أمره ، ألا ولا صلاة له ولا حج له ألا ولا بِرّ له ولا صدقة له}
وفى صحيح مسلم وفي مسند أحمد عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن قوم يتخلفون عن صلاة الجمعة: {لقد هممت أن آمر رجلاً يصلي بالناس ثم أحرّق على رجال يتخلفون عن يوم الجمعة بيوتهم}، وعن ابن عمر وابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم قال وهو على أعواد منبره: {لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعة أو ليختمن الله على قلوبهم}{1}
وهذه الأحاديث تفيد فرضية الجمعة على كل من استكمل شرائطها وتحذر المسلم من التخلف عنها تحذيراً شديداً
وقد فرضت صلاة الجمعة على الأصح في ربيع الأول السنة الأولى من الهجرة في المدينة المنورة وأول جمعة صلاها النبي صلى الله عليه وسلم كانت في مسجد بني سالم بن عوف وفي السادس عشر من الشهر المذكور ، وقيل أنها فرضت بمكة ولكن لم يتمكن النبي صلى الله عليه وسلم من الجمع إليها في مكة
فأرسل إلى مصعب بن عمير وهو أول رسول يرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ليعلم المسلمين أمور دينهم فأمره أن يجمع الناس يوم الجمعة ويصلي بهم ركعتين تقرباً إلى الله ، ويدل على هذا قول ابن مسعود الأنصاري رضي الله عنه: {أول من قدم من المهاجرين إلى المدينة مصعب بن عمير ، وهو أول من جمع بها يوم الجمعة ، جمعهم قبل أن يقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بهم وهم اثنا عشر رجلاً}{2}
وقيل صليت الجمعة بالمدينة قبل الهجرة على سبيل الجواز وفرضت بها بعد الهجرة ، وهذا هو الظاهر لأن سورة الجمعة مدنية ولقول بن سيرين: جمع أهل المدينة قبل مقدم النبي صلى الله عليه وسلم للمدينة وقبل أن تنزل سورة الجمعة أي قبل أن تفرض صلاة الجمعة
ولقد شرع الله صلاة الجمعة لكي يجتمع المسلمون من أهل القرية أو المدينة في صعيد واحد فيتعارفون ويتآلفون ويتعاونون على البر والتقوى وتتمكن في قلوبهم أواصر المودة والرحمة ، وليستمعوا إلى شئ من النصح والإرشاد يلقيه على مسامعهم إمامهم ومعلمهم فتقوى به عزائمهم على فعل الخير وتعلو هممهم إلى فعل ما أمروا به ، وتصفوا نفوسهم من أكدارها وتطهر قلوبهم من كوامن الحقد والحسد والغل والضغينة وغير ذلك
تجب الجمعة على المسلم العاقل البالغ الذكر الحر المقيم القادر على الإتيان إلى المكان الذي تُقام في الجمعة ، غير المعذور ولا تجب الجمعة على الكافر بناء على إنه غير مخاطب بفروع الشريعة إذ الواجب عليه أولاً الإسلام فإن أسلم وجبت عليه جميع الفرائض ، وقيل تجب عليه الجمعة وسائر الصلوات وجميع الفرائض فهو مُطالب بأصول الشريعة وفروعها ، ولا تجب الجمعة ولا سائر الفرائض على مجنون لقوله صلى الله عليه وسلم: {رفع القلم عن ثلاث: المجنون حتى يفيق والنائم حتى يستيقظ والصبي حتى يبلغ}{3}
ولا تجب الجمعة على الصبي ولكنه لو أتاها تصح منه ، لا تجب على المرأة ولكن لو أدتها مع الجماعة صحت منها وسدّت مسدّ الظهر ، ولا تجب على العبد{4} ، ولكن لو أداها صحت منه ونابت عن الظهر
ولا تجب صلاة الجمعة على المسافر سفراً قصيراً عند الحنفية والحنابلة إلا إذا نوى الإقامة ، ومسافة القصر تُقدر بنحو تسعة وثمانين كيلو متراً ويرى الشافعية والمالكية أن المسافر لا تجب عليه صلاة الجمعة حتى ولو كان سفره قصيراً ، إذا ابتعد عن البلد بنحو فرسخ والفرسخ ثلاثة أميال ، وقد قال عبد الله بن قدامة: {أما المسافر فأكثر أهل العلم أن لا جمعة عليه وحكى الزهري والنخعي إنها تجب عليه لأن الجماعة تجب عليه فالجمعة أولى}
ولا تجب الجمعة على العاجز عن الإتيان إلى المكان الذي تقام فيه بأن كان مريضاً أو مقعداً أو أعمى لا يجد من يقوده ولا يهتدي بنفسه إلى محل الجامع ، ويلحق بالعاجز من كان له عذر يمنعه من الحضور إليها بأن كان ممرضاً يحتاج إليه المريض ولو تركه يزداد مرضه أو يتأخر شفاؤه أو كان طبيباً يجري عملية جراحية - مثلاً - أو كان محبوساً لا يستطيع الخروج من حبسه ونحو ذلك من الأعذار الضرورية ، والدين يسر والطاعة على قدر الطاقة ، قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} الحج78
وقال عز شأنه: {يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} البقرة185
قال المالكية والشافعية: لا تصح الجمعة إلا في المسجد الجامع ، وقال الحنفية والحنابلة وجمهور من الفقهاء - على اختلاف مذاهبهم - تصح في أي مكان يجتمع فيه المسلمون ، لما روى أن عمر بن الخطاب كتب لأهل البحرين: {أن جمَّعوا حيثما كنتم}{5}
يسأل كثير من الناس هل للجمعة أكثر من آذان؟ ونرى بعض المساجد في مصر يؤذن فيها للجمعة آذان واحد وبعض المساجد يؤذن لها آذانان فأي السبيلين أحق أن يتبع؟
وللجواب على ذلك أقول: كلا الأمرين حسن ولا داعي للنزاع فمن أذَّن للجمعة أذاناً واحداً فهو على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن أذن لها أذانين فهو على ما كان عليه عثمان بن عفان رضي الله عنه ومن جاء بعده ، وعثمان هو الخليفة الثالث لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نعمل بسنته وسنة الخلفاء الراشدين من بعده ، وقال صلى الله عليه وسلم: {عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضُّوا عليها بالنواجذ}{6}
عن أبي يزيد رضي الله عنه قال: {النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر ، فلما كان عثمان وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء ، ولم يكن للنبي صلى الله عليه وسلم مؤذِّن غير واحد}{7}
وفي رواية أخرى للبخاري وغيره: {فلما كانت خلافة عثمان وكثروا أمر عثمان يوم الجمعة بالآذان الثالث وأذّن به على الزوراء فثبت الأمر على ذلك} أي أخذ الناس بسنة عثمان فجعلوا للجمعة أذانين
أجمعت الأمة على أن الجماعة شرط في صحة الجمعة ولكنهم اختلفوا في العدد الذي تنعقد به على أربعة عشر قولاً: فقال فقهاء الظاهر: تنعقد الجمعة بإثنين فأكثر لأنها صلاة كسائر الصلوات ولم يرد ما يخصصها بعدد معين وقد رجح الشوكاني هذا الرأي وقال في كتابه {نيل الأوطار} بعد أن سرد أقوال الفقهاء وقد بلغت خمسة عشر قولاً قال: {وأعلم أنه لا مستند لاشتراط ثمانين أو ثلاثين أو عشرين أو تسعة أو سبعة كما أنه لا مستند لصحتها من الواحد المنفرد ، وأما من قال: إنها تصح بإثنين فاستدل بأن العدد واجب بالحديث والإجماع ورأى أنه يثبت دليل على اشتراط عدد مخصوص ، وقد صحت الجماعة في سائر الصلوات باثنين ولا فرق بينها وبين الجماعة ولم يأت نص من رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الجمعة لا تنعقد إلا بكذا ، وهذا القول هو الراجح عندي}
وقال الحنيفة في المشهور عنهم تنعقد الجمعة بثلاثة غير الإمام باعتبار أن أقل العدد ثلاثة غيرالإمام الذي يخطب ويعظ وقد رجح السيوطي هذا الرأي في كتابه {الحاوي للفتاوي} بعد أن سرد أقوال الفقهاء وفند أدلتهم ، وقال: هذا ما أدَّاني إليه اجتهادي
وللمالكية في هذه المسألة قولان مشهوران: قول بأنها تنعقد بإثنى عشر رجلاً غير الإمام باقين من أول الخطبة إلى نهاية الصلاة ، مستدلين بما رواه مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائماً يوم الجمعة فجاءت عيرٌ من الشام فانفتل الناس إليها حتى لم يبق إلا إثنا عشر رجلاً فأنزلت هذه الآية التي في الجمعة {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}
والقول الثاني بأن العدد غير مقدر شرعاً بل تنعقد الجمعة بأي عدد تتكون به قرية لكن لا تنعقد بالثلاثة ولا بالأربعة لأنه عدد لا تتكون به قرية ورجح هذا القول الأخير الحافظ بن حجر في {فتح الباري}
وقالت الشافعية: تنعقد الجمعة بأربعين رجلاً غير الإمام أخذاً بمذهب عمر بن عبد العزيز رضي الله عليه ، قال الشافعي في الأمّ: "أخبرنا الثقة عن سليمان بن موسى أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أهل المياة {حيث الماء} فيما بين الشام إلى مكة: جَمِّعوا إذا بلغتم أربعين رجلاً"
اتفق جمهور الفقهاء على وجوب السعي إلى الجمعة عند الآذان الأول ، لقوله الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} الجمعة9
والمراد بالسعي الذهاب إليها مشياً وسطاً بين الإسراع والإبطاء ، والمراد بذكر الله هنا الصلاة لقوله سبحانه وتعالى {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} العنكبوت45
ولقوله: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} طه14
وقال جماعة من المفسرين: المراد بذكر الله هنا الخطبة لاشتمالها على حمد الله والثناء عليه والتذكير بآياته ، وتفيد الآية أيضاً حرمة البيع والشراء عند سماع الآذان وقد اختلف الفقهاء في فسخ البيع إذا وقع مع الآذان الأول أو بعده ، فقال جماعة: يفسخ ولا ينعقد ، وقال جماعة: لا يفسخ بل يمضي ويصح والكل متفق على حرمته[/SIZE]
[SIZE="3"]{1} أخرجه أحمد والنسائي {2} أخرجه الطبراني {3} أخرجه أحمد {4} والعبد هو إنسان أسره المسلمون في معركة حربية وقعت بين المسلمين وغير المسلمين لإعلاء كلمة الله ، فهذا الأسير وأبناؤه وأبناء أبناءه يكونون رقيقاً لمالكهم الحق في بيعهم والانتفاع بهم ولا أظن أن هناك رقيقاً الآن يصح تملكهم لانقطاع الحروب الإسلامية منذ زمن بعيد {5} رواه أبو شيبة {6} رواه البخاري {7} أخرجه البخاري وغيره، والزّوراء مكان مرتفع بسوق المدينة[/SIZE]
محمد جعفر-
عدد الرسائل : 57
العمر : 33
تاريخ التسجيل : 22/09/2014
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى